"أردوغان يقامر من أجل التعافي السريع في الوقت الذي تحرق فيه تركيا الاحتياطي الأجنبي".. عنوان تقرير بصحيفة فاينانشال تايمز حول الوضع المالي لأنقرة التي ترغب في تجاوز تداعيات جائحة كورونا.
وفي هذا الوقت من العام، دأب التركي مراد توجاي، الذي يدير فندق أكوا على البحر المتوسط على التعامل مع الزحام الشديد والتحديات الي يشهدها ذروة الموسم السياحي.
بيد أن الحال تغير تماما هذا العام إذ أن الفندق مغلق وبات أواخر الصيف هو الأمل الأخير الذي يتشبث به توجاي قائلا: "ما يزال لدينا أغسطس وسبتمبر".
وأردفت فاينانشال تايمز: "الحقيقة على أرض الواقع بالنسبة للقطاع السياحي التركي وتداعياته على الوضع المالي للدولة تتناقض مع الرسائلة المتفائلة القادمة من أنقرة".
وفي تصريحات أدلى بها الشهر الماضي، امتدح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الانخفاض الحاد في أسعار الفائدة وأشاد بالإجراءات المتبعة لصد ما وصفه بـ الهجمات "الخبيثة" التي تستهدف الليرة التركية.
ومن وجهة نظر أردوغان، فإن هذه الخطوات "تقوي نظام المناعة للاقتصاد التركي في مواجهة الاضطرابات العالمية".
واستدركت فاينانشال تايمز: "تصريحات أردوغان أبعد ما تكون عن الصورة التركية التي يراها معظم الاقتصاديين، إذا أن انهيار السياحة الناجم عن جائحة كورونا أحدث فجوة مالية مع هروب المستثمرين الاجانب وسحبهم مقدار كبير من الأموال من سندات وبورصات العملة المحلية على مدار الشهور الماضية".
وتابعت: "في مواجهة ذلك، أحرقت تركيا عشرات المليارات من الاحتياطي الدولاري هذا العام في محاولة للحفاظ على استقرار العملة".
و ظهرت علامة مؤخرا تشير إلى تعثر تلك الجهود حيث لامست الليرة الأسبوع الماضي أدنى مستوى لها مقابل الدولار حتى بعد إنفاق السلطات المليارات في محاولة للزود عنها.
من جانبه، يكرر وزير المالية التركي، وصهر أردوغان، بيرات البيرق القول إن تركيا تستمتع بانفصال إيجابي عن التوجهات التي شهدتها الأسواق الأخرى".
بيد أن بعض المحللين يخشون أن تؤدي هذه الإستراتيجية إلى نثر بذور أزمة عملة".
بدوره، قال روبين بروكس، كبير الاقتصاديين بمعهد "إنترناشيونال فاينانس" إن تركيا في وضع شاذ تماما ولكن جراء العديد من الأسباب الخاطئة".
وأوضح قائلا: "تنفق تركيا المليارات في محاولة الحفاظ على ثبات العملة وإنعاش الاقتصاد بائتمان رخيص".
وزاد قائلا: "إنه نفس التكتيك الذي أثار أزمة ضخمة قبل عامين فقط حينما فقدت الليرة 30% من قيمتها مقابل الدولار".
وتسبب ذلك الهبوط في زيادة الضغوط وارتفاع معدل التضخم والركود الاقتصادي.
ثمة مخاطرة، والكلام لبروكس، مفادها أن تركيا تواجه موجة أخرى من الإهلاك غير المنضبط والذي من شأنه أن يعقد جهود الدولة للتعافي من فيروس كورونا".
ويبدو هذا النهج شديد المخاطر انعكاسا لمقامرة تستهدف الوصول إلى تعاف سريع وقوي من الجائحة على مستوى الداخل التركي وأسواق الصادرات الرئيسية.
وبالمقابل، قالت فونيكس كالين، مديرة الأسواق الناشئة في بنك "سوستيه جنرال" الفرنسي: "إذا كنت تعتقد أن تأثير فيروس كورونا سوف يختفي بسرعة نسبية فإن هذه إستراتيجية ملائمة رغم أنها مكلفة على المدى القصير لكنها تمنحك وقتا كافيا للخروج من هذه الفترة شديدة الصعوبة".
واستدركت: "لكن إذا لم يتحقق هذا السيناريو ولم يتعاف القطاع السياحي والصادرات بسرعة كافية، فإن تركيا معرضة لصدمات اقتصادية مستقبلية".
واختتمت : "إذا استمر هذا الوضع الحالي 12 شهرا قادمة، لن يكون الوضع محتملا"..